تعود الصناعات الخشبية الى فترة ما قبل التاريخ وهذا كون الخشب مادة متوفرة في الطبيعة، الا ان كون هذه المادة عضوية فهي سريعة الاندثار، ولم يتمكن الباحثون إيجاد أدوات خشبية تعود لتلك الفترة. كما ان الخشب مادة عضوية قابلة للتشكل أي يتخذ أوضاعا مختلفة في نموه استجابة للمؤثرات الخارجية ونجد ان الخشب ينقسم الى قسمين وهما :الخشب الصلب والخشب اللين. ويؤتى به من الأشجار والشجيرات من الطبيعة.
بلغت الصناعات الخشبية بالجزائر خلال الفترة العثمانية أوج تطورها، وما يشهد على ذلك التطور هي التحف الخشبية المنقولة والمحفوظة في المؤسسات المتحفية مثل كراسي المصاحف، صناديق حفظ الحلي، البنادق وغيرها …، او التحف الثابتة التي ماتزال تزين المعالم الاثرية الأسقف، الأبواب، النوافذ، المنابر …، والتي استخدم فيها الفنان تقنيات صناعية وأساليب زخرفية تنوعت بين تقاليد محلية وأخرى وفدت مع الاتراك العثمانيين، مما شكل تنوعا وثراء فنيا مميزا.
تعتبر صناعة الأواني الخشبية من الصناعات الرائجة بالجزائر، وتتصف باكتسابها وتعلم فنونها عن طريق التعليم المباشر من الحرفي الذي يكون في أغلب الأحيان قد تعلمها بالوراثة من آبائه وأجداده، واكتشف أن أغلب سكان الشرق الجزائري خاصة، يحترفون هذه الصناعة المتوارثة عن الأجداد، بل ويسعى الكثير منهم إلى تطويرها بالرغم من تراجع المادة الأولية، لأن قطع الأشجار محظور قانونا.
كما تشتهر على سبيل المثال منطقة ميلة بصناعة الجفون أو «الڤصعة» كما تعرف بمختلف الأحجام، إذ لا يكاد يخلو أي بيت من هذه القطعة الخشبية التي تستعمل لعدة أغراض، سواء للأكل أو لتحضيره أو للإهداء، فكثيرا ما تعتمد النساء على إهداء العروس قصعة حتى تأخذها إلى بيت الزوجية ضمن الجهاز. كما يصنع أيضا المهراس الخشبي المستعمل أساسا في تحضير أنواع الأطباق التقليدية مثل ما يعرف ب«الزفيتي»، أو حتى لطحن مختلف التوابل والبن، حيث تحتفظ بنكهة خاصة مغايرة لتلك التي يتم طحنها باستعمال أجهزة الطحن والخلط الكهربائية.
وقد تستغرق صناعة «الجفنة» مدة تزيد عن الشهر، كون نوعية الخشب المستعملة صلبة جدا، ويعرف أيضا بأن شجرة الكاليتوس هي الأكثر استعمالا في هذا الشأن، كون جذعها أوسع وخشبها أسهل معالجة من باقي أنواع الخشب الأخرى. ويستعمل لهذا الغرض عديد الأدوات لحفر القصعة الخشبية، بعد قطع جذع الشجرة إلى دوائر يزيد قطرها عن المتر وارتفاعها عن العشرين سنتيمترا، ليشرع في حفرها بالقادوم التي تكون من نوع خاص بالحفر في الخشب.
إضافة الى الجفنة نذكر الملاعق الخشبية التي تتنوع بزخرفتها واشكالها ،و التي نجدها بالمتحف ،اذ نجد البعض منها تنتمي الجنوب الجزائري او منطقة الصحراء من خلال طريقة الصنع وكذا الزخرفة ، وكذلك المهراز او التيندي صنع أيضا في الجنوب الجزائري يستعمل لهرس التمور الجافة وغيرها ..